فضاء حر

فقط عندما نسقط الكهنوت

يمنات

ليس أخطر على البلد ووحدة النسيج الديني والوطني والاجتماعي  فيه من استغلال الدين وتوظيفه  سياسيا وتصفية الخصوم  والحسابات  السياسية عبره.

اليوم انبرت لنا جماعة  راديكالية تحرض على العنف, تدعي أنها تمتلك مفاتيح الجنة والنار, يكفرون هذا ويزندقون تلك, ويشهرون بهم ويخرجونهم من رحمة الله  فقط  لأنهم رفضوا أن يكونوا مجرد قطيع يساقون  إلى حيث لا يدرون, رفضوا الفكر والمنهجية الرجعية التي حتى تتنافى وتعاليم الدين, منابر ووسائل إعلام تغذي الطائفية والكراهية بين أبناء الشعب الواحد, وكل جماعة تدعي  أنها  ممثلة ووكيلة عن السماء ووحدها تمتلك الحقيقة المطلقة وما دونها باطل!

وحكومة الثورة, نستطيع أن نصف جزء كبير منها بالثيوقراطي الفاسد, وهذا الوصف لم يأت  من فراغ, أو مجرد إتهام, فحين يريد البعض إقناعنا  بديكتاتوريته وتنزيه  نفسه ورفضه للنقد وكأنه يستمد حكمه من السماء, هنا نكون فعلاً أمام ثيوقراطية قبيحة وبغيضة, والغريب انك حين تتحدث عن رفضك  لحكم رجال الكهنوت الديني يثورون ويثيرون العامة ضدك, وكأن هؤلاء الكهنة هم الدين.

وللأسف لايزال بعض من مثقفينا يدافعون عن هذا الكهنوت, الذي يرفض الآخر ويحرض ضده, ويرفض  مواكبة العصر, ويرفض أن تكون المرأة شريكة في الحياة السياسية على اعتبار أنها عورة وناقصة عقل ودين, ولا يجوز لها الاختلاط بالرجال, وهذا الأمر الذي يقلقني كامرأة ناشطة حين يأتي المتدثرون بعباءة الدين ليشهرون بالناشطات, ويحرضون الشارع ضدهن بحجة الإساءة للدين, وهم يستخدمون هذا السلاح كونهم يدركون خطورته وفاعليته, فمجتمع مسلم متدين لن يقبل الإساءة لمعتقده ودينه, وهذا ما يفعله البعض اليوم بحجة الدفاع عن الدين, وهم يهدفون للحد من نشاط المرأة, وحملة تستهدف إعادتها إلى المنزل, وبات الأمر جليا  إنها حملة  ممنهجة ضد الناشطات اللاتي لا ينتمين لفكرهم, المرأة التي كسرت حاجز الخوف وعادات وتقاليد كبلتها لسنوات طويلة وخرجت ترفض ظلم علي صالح وأشعلتها ثورة اليوم يحاربونها.

وهي أمام خيارين إما إتباعهم كفرد في قطيع لا يعلم أين يتجه أو هن كافرات وعميلات وعليهن العودة إلى منازلهن.

 

سلاح التكفير استخدمه النظام السابق ويستخدم اليوم أكثر من ذي قبل, لإرهاب المعارضين وخصوصا النساء, اللاتي زاد على تكفيرهن قذفهن وشتمهن وتحريض الناس ضدهن, اعتقادا منهم أن هذا السلاح في مجتمع محافظ كالمجتمع اليمني سيحد من نشاط المرأة ويجعلها أسيرة فكرهم, وكأنهم غير مدركين أن من ثرن ضد النظام السابق معظمهن هن اللاتي يتعرضن الآن لنفس الهجمة  التي تعرضن لها في السابق ولم يعد الأمر يخيفهن بقدر ما يجعلهن أكثر إصراراً لانتزاع حقوقهن, ويظهرهم مجرد قوى رجعية لا تقبل مشاركة المرأة ويحاربون من يخالفهم الفكر, هم في نظر العالم مجرد قوى لا تؤمن بالدولة المدنية وترفض الأخر المختلف ولا تقبل أن تتعايش معه, ولا يهمني أن يأتي شيخ  قيادي ويحاول إفراغ  الدولة المدنية ومفهومها من محتواها  وليروج إن الدولة المدنية كما يراها مجرد حاكم مدني غير عسكري, ولا يعنيه إن أتى هذا الحاكم كهنوت دين أو قبيلة فهو قادر كرجل دين أن يؤثر بالشخص العادي الذي لا يعرف معنى الدولة المدنية!! وعموماً عندما نسقط هذا الكهنوت سأقتنع إننا فعلاً بدأنا نخطو خطوة إلى الأمام وبناء دولة مدنية , مدماكها العلم والقانون, لا تبنى الأوطان إلا بعقل وعلم الإنسان وليس بفتوى مدفوعة الثمن ولا بدجل الكهنة , سيتحقق ذلك فقط عندما نتحرر من هذا الكهنوت.

زر الذهاب إلى الأعلى